(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ ، إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) [لقمان : ١٦]
وروى أن لقمان لما قال هذه الكلمة ، انفطرت من هيبتها مرارته ، ومات ، وكانت آخر موعظته.
وقال المفسرون والعلماء : إن الأرض كانت تنكفىء على الماء ، كما تنكفىء السفينة على الماء ، فأرساها الله بالجبال ، وذلك قوله تعالى : (وَالْجِبالَ أَرْساها) [النازعات : ٢٢] وقوله عزوجل : (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) [النبأ : ٧]. وقوله سبحانه : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) [النحل : ١٥] يعنى لكى لا تتحرك بكم ، أى جعل فيها جبالا ثوابت ، لئلا تتحرك وتضطرب بكم فتهلككم بأن تقلبكم عن ظهرها ، أو تهدم بيوتكم بتزلزلها.
قال الإمام الفخر : واعلم أن الأرض ثباتها بسبب ثقلها ، وإلا كانت تزول عن موضعها بسبب المياه ، والرياح ، ولو خلقها تعالى مثل الرمل ، لما كانت تثبت للزراعة ، كما ترى الأراضى الرملية ، ينتقل الرمل الذى فيها من موضع إلى موضع ، فهذه حكمة إرسائها بالجبال (١). فسبحان الكبير المتعال.
قال علىّ بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ «أول ما خلق الله الأرض عجّت ، وقالت : يا رب تجعل علىّ بنى آدم يعملون علىّ الخطايا ، ويلقون علىّ الخبائث ، فاضطربت فأرساها الله ـ تعالى ـ بالجبال ، فأقرها ، وخلق الله تعالى جبلا عظيما من زبرجدة خضراء خضرة السماء منه ، يقال له : «جبل قاف» فأحاط بها كلها وهو الذى أقسم به الله ، فقال : (ق ، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)
[سورة ق : ١]
__________________
(١) التفسير الكبير ٢٥ / ١٤٣