* وأما عن خلق الأرض ، فقد خلقها الله من الزّبد ، الذى ارتفع من غلى الماء ، كما خلق السماء من الدخان.
فأول ما ظهر من الأرض على وجه الماء «مكة» فدحا الله الأرض من تحتها ، فلذلك سمّيت «أم القرى» يعنى أصلها ، وهو قوله تعالى (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) [النازعات : ٣٠]
ولما خلقت الأرض ، كانت طبقا واحدا ، ففتقها وصيّرها سبعا ، وذلك قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) [الأنبياء : ٣٠]
ثم بعث الله ـ تعالى ـ من تحت العرش ملكا ، فهبط إلى الأرض حتى دخل تحت الأرضين السبع ، فوضعها على عاتقه ، إحدى يديه فى المشرق ، والأخرى فى المغرب ، باسطتين قابضتين على قرار الأرضين السبع حتى صلب ، فلم يكن لقدميه موضع قرار .. فأهبط الله تعالى من أعلى الفردوس ثورا ، له سبعون ألف قرن ، وأربعون ألف قائمة ، وجعل قرار قدمى الملك على سنامه ، فلم تستقر قدماه ، فخلق الله ياقوتة خضراء ، من أعلى درجة من الفردوس ، غلظها مسيرة خمسمائة عام ، فوضعها بين سنام الثور إلى أذنه ، فاستقرت عليها قدماه ، وقرون ذلك الثور خارجة من أقطار الأرض ، وهى كالحكمة تحت العرش ، ومنخر ذلك الثور فى البحر ، فهو يتنفّس كل يوم نفسا ، فإذا تنفّس مدّ البحر ، وإذا ردّ نفسه جزر ـ وهذا هو المدّ والجزر الذى يحدث للبحر ليلا.
ولم يكن لقوائم الثور موضع قرار ، فخلق الله صخرة خضراء ، سمكها كسمك سبع سموات ، وسبع أرضين ، فاستقرت قوائم الثور عليها ، وهى الصخرة ، التى قال لقمان لابنه: