وحزنها ، فكذلك كان فى ذرية آدم ، الطيب والخبيث ، والصالح والطالح ، والجميل والقبيح ، ولذلك اختلفت صورهم وألوانهم (١).
قال الله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ) [الروم : ٢٢]
ثم صعد بقبضة التراب ملك الموت إلى الله ـ تعالى ـ فأمره أن يجعلها طينا ، ويخمّرها. فعجنها بالماء المرّ والعذب والملح ، حتى جعلها طينا ، وخمّرها ، فلذلك اختلفت أخلاقهم. ثم تركها أربعين سنة حتى صارت طينا لازبا ليّنا. واللآزب هو الذى يلزق بعضه ببعض. ثم تركها أربعين سنة حتى صارت صلصالا كالفخار ، وهو الطين اليابس ، الذى إذا ضربته بيدك صلصل ، أى أحدث صوتا ، ليعلم أن أمره بالصنع والقدرة ، لا بالطبع والحيلة ، فإن الطين اليابس لا ينقاد ، ولا يتأتى تشكيله.
ثم جعله جسدا ، وألقاه على طريق الملائكة ، التى تهبط إلى السماء ، وتصعد منها أربعين سنة ، فذلك قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) [الإنسان : ١]
قال ابن عباس : الإنسان آدم ، والحين أربعون سنة ، كان آدم جسدا ملقى على باب الجنة (٢).
فمرت الملائكة ففزعوا منه لما رأوه ، وكان أشدهم منه فزعا إبليس ، فكان يمرّ به فيضربه ، فيصوّت الجسد ، كما يصوّت الفخار فيكون له صلصلة ، فذلك حين يقول :
__________________
(١) ذكره السدى عن أبى مالك وأبى صالح عن ابن عباس. ورواه الإمام أحمد. وانظر قصص الأنبياء لابن كثير ٣٥
(٢) رواه الترمذى.