ولا يلزم من هذا ، أنهم كانوا فى السماء ، كما قال : (وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) [الإسراء : ١٠٤]. ومعلوم أنهم كانوا فيها ، ولم يكونوا فى السماء.
وقوله تعالى : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها) [البقرة : ٣٦] أى عن الجنة (فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) أى من النعيم والنضرة والسرور ، إلى دار التعب والكد والنكد ، وذلك بما وسوس لهما ، وزيّنه فى صدورهما ، كما قال تعالى :
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما ، وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ ، أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) [الأعراف : ٢٠].
يقول : ما نهاكما عن أكل هذه الشجرة إلّا أن تكونا ملكين ، أو تكونا من الخالدين ، أى لو أكلتما منها لصرتما كذلك.
(وَقاسَمَهُما) [الأعراف : ٢١] أى حلف لهما على ذلك (إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) كما قال فى الآية الأخرى : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ ، قالَ : يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) [طه : ١٢٠]
أى هل أدلك على الشجرة التى إذا أكلت منها حصل لك الخلد فيما أنت فيه من النعيم ، واستمررت فى ملك لا يبيد ، ولا ينقضى؟ وهذا من التغرير والتزوير ، والإخبار بخلاف الواقع.
والمقصود أن قوله (شَجَرَةِ الْخُلْدِ) التى إذا أكلت منها خلدت. وقد تكون هذه الشجرة ، التى قال الإمام أحمد ـ بإسناد إلى أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ