الملائكة الحكمة من خلق الخليفة ، فأخبرهم الحق ـ سبحانه ـ بأنه يعلم ما لا يعلمون.
وقد علّم الله ـ تعالى ـ آدم أسماء الأشياء كلها ، أولاده إنسانا إنسانا ، والدواب على اختلافها وأسمائها ، والسماء والأرض ، والسهل والجبل ، والبحر وما فيه ، وكذلك أسماء الملائكة. وغير ذلك من الأمور.
قال العلماء : علمه اسم كل شىء ، وجعل يسمى كل شىء باسمه ، وعرضت عليه أمة أمة ، وهذا هو الرأى الصحيح ـ كما قال ابن كثير. فقد علمه الله أسماء الأشياء كلها ، ذواتها وصفاتها وأفعالها ، كما قال ابن عباس ـ حتى الفسوة والفسية ، يعنى أسماء الذوات والأفعال ، المكبّر منها والمصغّر.
ثم عرض الحق ـ سبحانه ـ الخلق والمسميات على الملائكة ، فقال : أخبرونى عن أسماء هؤلاء ـ إن كنتم صادقين ـ أنى لم استخلف إلا المفسدين فى الأرض ، السفاكين للدماء ، وأنتم أولى بعمارتها ، وتقديس الله فيها ، فإذا عجزتم عن معرفة كنه الموجود المشاهد .. فأنتم أشد عجزا عن غير الموجود ، وأجمل لهم ـ سبحانه ـ المصالح فى استخلاف آدم وذريته ، بقوله : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) ثم فصّل لهم بعضها فى قوله : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) الآيات. فإنه لما ظهر فضل آدم على الملائكة ، فى علمه ، وسرده أسماء الأشياء ، قال الله للملائكة : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) [البقرة : ٣٣] وهذه الآية استحضار لقوله : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) فإنه يعلم الظاهر والخفى ، فهذه كالشرح والبيان لتلك.
ولنتأمل هذا التذبيل : (وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ .. وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) الذى