والسؤال الآن .. من أين علمت الملائكة أن هؤلاء الخلق الجديد سيفسدون فى الأرض؟
قال الراسخون فى العلم : أنهم علموا ذلك بعلم خاص من الله تعالى ، سواء كان هذا العلم عن طريق إطلاعهم على اللوح المحفوظ ، أو غيره. ولم يبين القرآن مصدر هذا العلم جريا على منهجه فى الاختصار إذا لم يستدع الأمر التفصيل.
أو بما استلهموه من طبيعة المخلوقين الجدد. حيث خلق أبوهم من الطين. فقد فهمت الملائكة من كونه خلق من أجزاء الأرض ـ وهى مختلفة التراكيب والعناصر والأجزاء والمعادن ، وهى إذا اجتمعت تفاعلت ، ونتج عنها معرفة عدم اجتماع الطبائع ، فلذا توقّعوا حصول المفاسد والمعاصى ، وسفك الدماء ، والمشاحنات ممن سيخلق من هذه المادة.
أو أنهم قاسوهم على من سبق من المخلوقات ، وقد ورد فى الحديث ، رواية عن ابن عباس : أن أول من سكن الأرض الجن ، فأفسدوا فيها ، وسفكوا فيها الدماء ، وقتل بعضهم بعضا ، فبعث الله إليهم جندا من الملائكة ، فقاتلوهم وطردوهم ، حتى ألحقوهم بجزائر البحور ، وأطراف الجبال ، فقالت الملائكة تلك المقالة ، فقاسوا أولاد آدم على سلالات الجن.
* وتحتفل الآيات البيّنات بأمر آخر ـ ذكر الله فيه شرف آدم على الملائكة ، بما اختصه الله به من علم أسماء كل شىء ، دونهم ، وكان ذلك بعد سجودهم له.
وواضح هنا .. أن القرآن العظيم ، يقدم ما حقّه التقديم لأهميته بالنسبة لما يؤخر عنه ، وهذا إشارة إلى شرف العلم ، ومنزلته الرفيعة ، وأنه يرفع صاحبه إلى مقام دونه أى مقام آخر. ثم إن مقام العلم مناسب تمام المناسبة ، لعدم علم