وقد ضرب الله لنا المثل بتعريف آدم الأسماء كلها ، فبذلك فضّل على الملائكة ، فالعلم مرتبة عليا ، وغاية سامية ..
(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) [الإسراء : ٧٠]
وعدل الله تعالى ورحمته ، وعفوه وقدرته ، وحكمته وإرادته ، مظاهر تتجلّى كلها فى الإنسان ، فلولا الإنسان الذى تتحقق فيه هذه المظاهر ، ما تحقق عدل الله ورحمته ، وعلمه وقدرته ، وطاعته وعصيانه ، وإحسانه وعقابه .. إلى آخر تلك المظاهر الإلهية ، التى يظهر أثرها على الإنسان خليفة الله فى أرضه ، للحكم بين الناس بالعدل.
وإذا كان رب القدرة ، قد كرم آدم وذريته ، بإسجاد الملائكة له ، وتعليمه الأسماء كلها ، فما ذاك إلا ليكون على مستوى المسئولية والجزاء ، فهذه النعم العظيمة ، التى فضّل بها الإنسان ، هو مسئول عنها ، والله يجازيه عليها. إن أحسن فله جزاء الحسنى ، وإن أساء فعليه وبالها. يقول جل ذكره :
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً. لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ ، وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الأحزاب : ٧٢ ـ ٧٣].