(وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ، وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا ، وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) [القصص : ٧٧]
* أضف إلى ذلك .. أن استخلاف الله لبنى آدم فى الأرض عام فى بنى البشر ، لا يختص بفريق دون آخر ، فالناس كلهم عباد الله ، وتسخير الأرض ، وسائر الكون لهم جميعا كذلك ، دون تخصيص ، ولكن كل فرد يقوم بأمانة الاستخلاف ، ويستفيد من تسخير الكون لمنافعه ، بقدر استطاعته ، وحسب قدرته ، ويحسن أداء هذه الأمانة ، فيقوم بحقوقها كاملة.
* وأخيرا .. فعليه أن يتحمل نتيجة عمله ونشاطه ، وهو المسئول عنه مسئولية دنيوية بالنسبة لغيره من الناس ، ومسئولية أخروية أمام الله ، فيستشعر فى ضميره رقابة الله له ، ويخشى عقوبته وحسابه.
بقى أن نقول .. إن استخلاف رب العزّة لآدم ـ عليهالسلام ـ فى الأرض ، يدل على معنى سام من الحكمة الإلهية ، عزّ فهمها على الملائكة ، فلو استخلفت الملائكة لما عرف سر هذا الكون الهائل ، إذ هم ليسوا بحاجة إليه ، لأن طبيعتهم النورانية ، تخالف طبيعة الإنسان ووصفه ، فالإنسان بحكم حاجته ، وخلقته المادية ، يعرف خواص الأشياء ، والمركبات الكيمائية وفوائدها ، وكيف يستفيد منها فى حياته العلمية والعملية ، وكذلك يسخرها للاستفادة منها فى طبيعته النفسية ، وفى كل ما يمكن أن يلائم حياته ، على اختلاف الأزمنة والأمكنة.
فالإنسان من أعجب خلق الله ، حيث أعطاه الله من العلوم والمعارف ، ما يمكن أن يسخّر بها سائر المخلوقات ، ويطوعها لمتطلباته النفسية والجسدية ، بما يكفل له سعادة الدنيا ، ويعينه على أداء حق الله ، وحق عباده ، الأمر الذى يوصله إلى سعادة الآخرة كذلك.