أولها : مجال تثبيت قلب النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بذكر أحداث الماضى.
وثانيها : بمناسبة تمرد بنى إسرائيل وعصيانهم لأمر الله فى قتال الجبارين.
وثالثها : فى أسباب تشريع الحدود ، والقصاص من القتلة والبغاة والطغاة الذين يعيثون فى الأرض فساد.
وكان سبب نزولها ـ ما رواه البخارى ومسلم ، عن أنس ـ رضى الله عنه ـ أن رهطا من عكل وعرينة قدموا على النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ، وتكلموا بالإسلام ، فاستوخموا المدينة (أى وجدوها رديئة المناخ) فأمر لهم النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بزود من الإبل (من ثلاثة إلى تسعة) وراع ، وأمرهم أن يخرجوا إلى الصحراء ، فيشربوا من ألبانها وأبوالها ، فانطلقوا حتى إذا كانوا بناحية الحرّة ، كفروا بعد إسلام ، وقتلوا الراعى ـ وفى رواية ـ مثّلوا به ، واستاقوا الزود من الإبل ، فبلغ ذلك الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فبعث فى طلبهم ، فجيىء بهم ، فأمر بهم ، فقطعت أيديهم وأرجلهم ، وسملت أعينهم (كحّلوها بمسامير الحديد المحمّاة) ، وألقوا فى الحرّة حتى ماتوا ، فنزلت : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ...) الآية (١). [المائدة : ٣٣]
وقد بدأ القرآن فى ذكر قصة هابيل وقابيل ، بالحديث مع الرسول : لا تيأس يا محمد ، ولا تتعجب من فعل اليهود (إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) [المائدة : ١١]
فهم قوم يحسدون الناس على ما آتاهم ربهم من فضله ، على أن هذا طبع متأصل فى أبناء آدم :
__________________
(١) تفسير القرطبى ج ٦ / ١٤٨