(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً ، فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ : لَأَقْتُلَنَّكَ ، قالَ : إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ، إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ. إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ ، وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ. فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ)
[سورة المائدة : ٢٧ ـ ٣٠]
هذه هى القصة التى ذكرها القرآن ، مبيّنا وخيم عاقبة البغى والحسد والظلم ، فى خبر ابنى آدم لصلبه ، وهما قابيل وهابيل ، كيف عدا أولهما على الآخر ، فقتله بغيا عليه وحسدا له ، فيما وهبه الله من النعمة ، وتقبّل القربان ، الذى أخلص فيه لله عزوجل ، ففاز المقتول بوضع الآثام ، والدخول إلى الجنة ، وخاب القاتل ورجع بالصفقة الخاسرة فى الدارين الأولى والآخرة.
فقال الحق سبحانه (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِ) أى اقصص على هؤلاء البغاة الحسدة الطغاة ، إخوان الخنازير والقرود ، من اليهود وأمثالهم وأشباههم ، خبر ابنى آدم قابيل وهابيل. وقوله (بِالْحَقِّ) أى على الجلية ، والأمر الذى لا لبس فيه ولا كذب ، ولا وهم ولا تبديل ولا زيادة ولا نقصان ، كقوله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ) [آل عمران : ٦٢] ، وقوله عز شأنه : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ) [الكهف : ١٣] ، وقوله جل جلاله : (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِ) [مريم : ٣٤]
والمعنى : لا تيأس يا محمد ، ولا تعجب من فعل اليهود ، واتل على قومك ، وعلى كل من تبلغه دعوتك .. أتل عليهم نبأ هاما ، متلبّسا بالحق والصدق ، لا مبالغة فيه ولا كذب ، كما يفعل اليهود فى أخبارهم وكتبهم من التحريف والتبديل ، وهو نبأ ابنى آدم ، وما فعله الأخ بأخيه.