قال البيضاوى (١) : «توعّده بالقتل لفرط الحسد له على تقبل قربانه ، فأجابه بأنك أتيت من قبل نفسك بترك التقوى ـ لا من قبلى ، وفيه إشارة إلى أن الطاعة لا تقبل إلّا من مؤمن متّق لله».
قال ابن مالك المقرى : سمعت أبا الدرداء : يقول :
لأن استيقن أن الله قد تقبّل لى صلاة واحدة ، أحب إلىّ من الدنيا وما فيها ، إن الله يقول : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ.)
وقال معاذ بن جبل ـ رضى الله عنه : يحبس الناس (يوم القيامة) فى بقيع واحد ، فينادى مناد : أين المتّقون؟ فيقومون فى كنف من الرحمن ، لا يحتجب الله منهم ، ولا يستتر ، قيل : من المتّقون؟ قال : قوم اتقوا الشرك ، وعبادة الأوثان ، وأخلصوا العبادة ، فيمرون إلى الجنة (٢)
وقوله : (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) [المائدة : ٢٨]
قال له أخوه الرجل الصالح (هابيل) الذى تقبّل الله قربانه لتقواه ، حين تواعده أخوه (قابيل) بالقتل ، على غير ما ذنب منه إليه (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي .. ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) أى لا أقابلك على صنيعك الفاسد بمثله ، فأكون أنا وأنت سواء فى الخطيئة (إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) أى من أن أصنع كما تريد أن تصنع ، بل أصبر وأحتسب.
__________________
(١) تفسير البيضاوى ص ١٤٩.
(٢) رواه ابن أبى حاتم ، وذكره ابن كثير فى تفسيره.