يختلف أسلوب العرض فيها مرة عن أخرى ، ويشار إليها أحيانا مجرد إشارة ، كمثل يضرب ، أو فى معرض ذكر الأنبياء والمرسلين ، الذين قاسوا المحن مما أصابهم على أيدى أقوامهم ، أو الذين أهلك قومهم ـ كعاد وثمود ، والذين من بعدهم ، لأنهم أمعنوا فى الكفر ، وفى معارضة أنبيائهم ، وقطع الطريق على الذين يريدون أن يؤمنوا.
أضف إلى ذلك .. أن القرآن قد خصّص سورة بأكملها هى «سورة نوح» للحديث عن نوح وعلاقته بقومه ، ومعاناته فى سبيل دعوته.
وهذا القصة تبين أن الصراع الأبدى فى سبيل الإيمان قائم منذ أن قام الشرك بالله ، وأن المرسلين جميعا إنما كان هدفهم توضيح العقيدة ، وإثبات التوحيد لله عزوجل ، وكل ما صادفوه وتحملوه من عناء وبلاء ، إنما كان بسبب دعوتهم أقوامهم إلى الإيمان بالله ، وتوحيده وتنزيهه عن الشرك.
إن قصة نوح عليهالسلام سيقت فى القرآن من أجل ترسيخ مجموعة من المبادىء التى حرص القرآن عليها فى معظم سوره ، وهى أصول التوحيد ، وإثبات البعث والنشور ، والجزاء والحساب ، والثواب والعقاب ، وأخيرا إثباتا لدلائل النبوّة. وفى هذا الأمر تأكيد على أن جميع الأنبياء متفقون فى أصول الدعوة من التوحيد الخالص لله عزوجل.
إن قصة نوح ـ عليهالسلام ـ كما ذكرها القرآن فى مواضعها المختلفة ـ تبدأ دائما بالحديث عن رسالته ، ودعوته قومه إلى عبادة الله. من مثل قول الحق سبحانه :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ ، فَقالَ : يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) [المؤمنون : ٢٣ ـ ٢٨]
ـ وقوله جل وعلا :
(إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) [نوح : ١ ، ٢]