معكم فى سلك واحد .. (لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) [الأحقاف : ١١] .. بل الأمر أكثر من هذا وأشد ، وهو أننا نظنكم من الكاذبين المفترين ، وأنك فى دعواك النبوة متبوع كاذب ، وأنهم فى تصديقهم لك واتباعهم رأيك كاذبون أيضا.
هكذا قابلوا دعوته بالنكران والجحود ، لذلك نراه يدخل معهم فى حوار وجدل كبيرين ، لعلهم يقتنعون ، ويؤمنون بدعوته ، ويعبدون الله لا يشركون به شيئا.
* كان منطلق الحوار معهم .. مناقشتهم فى المسائل التى أثاروها ، ثم الردّ على شبهاتهم ومزاعمهم.
(قالَ : يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ ، فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) [هود : ٢٨]
قال نوح : يا قوم .. أخبرونى ماذا أفعل إن كنت على حجّة من ربّى ظاهرة فيما جئتكم به ، تبين لى بها أنه الحق من عنده لا من عندى ، إذ ليست النبوة من كسب البشر حتى يستقيم لكم إدعاؤكم أنّى بشر مثلكم ، فكيف أكون نبيا مرسلا.
يا قوم .. الله أعلم حيث يجعل رسالته ، وقد أرسلنى لكم وآتانى رحمة من عنده خاصة بى ، فوق رحمته العامة للناس جميعا ، ولكنها عميت عليكم ، وخفيت بجهلكم وغروركم بأنفسكم ومالكم ... فماذا أفعل ، أنلزمكم إياها بالجبر والإلجاء؟ لا .. إنه لا إكراه فى الدين أبدا من قديم الزمان. وهذا رد على شبهتهم (ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا)