قال نوح .. يا قوم! من ينصرنى من عذاب الله إن طردتهم؟ أفلا تتذكرون وتتعظون؟ فهذا ردّ على شبهتهم الثانية : (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا.).
ولا أقول لكم عندى خزائن الله ، ولا أعلم الغيب ، ولا أقول : أنّى ملك ..
نفى نوح ـ عليهالسلام ـ هذه الثلاث ، فإن الكفار مع الأنبياء جميعا كانوا يعتقدون لنظرتهم المادية للأشياء ، أن الأنبياء لا بد أن يكونوا أغنياء موسرين ، يعلمون الغيب ، ويجب أن يكونوا من الملائكة ، لا من البشر ، وإلا كانوا كسائر البشر ، لا فضل لهم ، فكيف يدعون النبوة؟
فهو يقول : لا (أقول لكم) بإدعائى النبوة ، أنى أملك خزائن الله ، وأرزاق الناس ، ولست أعلم الغيب إلّا ما علمنى الله مما يتصل بالرسالة. وهذا ما قاله إمام الأنبياء ـ محمد صلىاللهعليهوسلم ـ فيما حكاه القرآن :
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ ، وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) [الأعراف : ١٨٨]
ولا أقول للذين تزدريهم أعينكم ، وتحتقرونهم لفقرهم وضعفهم ، لن يؤيتهم الله خيرا وسعادة فى الدنيا والآخرة ، لا أقول هذا أبدا ، الله أعلم بما فى نفوسهم ، وسيجازيهم عليه ، إنى إذا قلت هذا لأكونن من الظالمين لأنفسهم ، لا من الأنبياء والمرسلين.
* بذل نوح غاية جهده فى نصح قومه ، واجتهد فى أن يتبعوه فى الإيمان بالله ، والبعد عن عبادة الأصنام ، مكث على ذلك ألف سنة إلا خمسين