فقيل : كان أول من أدخل من الطيور (الدّرّة) وآخر من أدخل من الحيوانات (الحمار) ، فتعلّق إبليس بذنبه ، وجعل يريد أن ينهض فيثقله إبليس ، وهو متعلق بذنبه ، فجعل يقول له نوح : مالك .. ويحك .. أدخل ، فينهض ولا يقدر ، فقال : أدخل وإن كان إبليس معك ، فدخلا فى السفينة. (١).
وذكر بعض السلف : أنهم لم يستطيعوا أن يحملوا معهم (الأسد) حتى ألقيت عليه الحمّى
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه عنه زيد بن أسلم عن أبيه : «لما حمل نوح فى السفينة من كل زوجين اثنين ، قال أصحابه : وكيف تطمئن المواشى ومعها الأسد؟ فسلّط الله عليه الحمى ، فكانت أول حمّى نزلت على الأرض ، ثم شكوا (الفأرة) فقالوا : الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا ، فأوحى الله إلى الأسد ، فعطس فخرجت (الهرّة) منه فتخبأت الفأرة منها.
(قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ، وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ، وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) [هود : ٤٠]
أى احمل فى السفينة من كل نوع من الأحياء زوجين ذكر وأنثى ، واحمل فيها أهل بيتك ذكورا وإناثا ، إلا ما استثنى منهم ممن سبق عليه القوم ، فصار فى عداد الكفار ، وأحمل فيها من آمن معك من قومك ـ أى احمل فيها أهلك ، وهم أهل بيته وقرابته ، إلّا من سبق عليه القول منهم ، ممن لم يؤمن بالله ، فكان منهم ابنه (يام) الذى انعزل وحده ، و (امرأة نوح) وكانت كافرة بالله ورسوله.
وقوله (مَنْ آمَنَ) أى من قومك ـ (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) أى نزر يسير مع طول المدة والمقام بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاما.
__________________
(١) ابن كثير ٢ / ٤٤٥.