عليه بأنه ليس من أهله ، فالإيمان والصلاح لا علاقة له بالوراثة (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) [الطور : ٢١] وإن جزاء الإيمان الصالح من الأعمال ، يكون فى الدنيا غالبا ، وفى الآخرة حتما.
(قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ ، وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) [هود : ٤٨]
وقد كان ما كان من قصة نوح مع قومه ، التى انتهت بنجاة المؤمنين ، وهلاك الكافرين ، قيل بعد هذا : يا نوح اهبط من السفينة ، أو من على الجبل ، بعد أن كفّت السماء عن المطر ، وابتلعت الأرض الماء ، واستوت السفينة على الجودى .. إهبط مشمولا بسلام منا ، ومتمتعا بأمان وتحية من عند الله مباركة طيبة ، اهبط بسلام وبركات ونماء ، وسعة فى الرزق عليك وعلى أمم ممن معك من الخلق ، إنسانا كان أو حيوانا ، وأمم من ذرية من معك ، سيتمتعون بالخيرات والطيبات فى الدنيا والآخرة ، وأمم من الذرية سنمتعهم فى الدنيا ، ثم نضطرهم إلى عذاب أليم فى الآخرة ، وذلك لكفرهم وعنادهم.
وهكذا كان الخلق أولا من ذرية نوح مؤمنين صالحين ، متمتعين فى الدنيا والآخرة ، ثم خلف من بعدهم خلف ، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ، فسوف يلقون غيّا ، وسيمسهم منا عذاب أليم.
* إن الباحث المتأمل ـ فى عناصر هذه القصة ، إذا قرأ مجادلة المشركين مع نبى الله نوح ، يحسّ بأنه يشاهد مشهدا مرئيا ، لا أنه يستمع إلى كلام متلو ، فينتقل هو وعقله وجوارحه كلها إلى هذا المشهد العظيم ، الذى يصوّر عقلية الذين يجادلون ، وما يبذله الرسول ، وما يتحمله فى سبيل إقناعهم أو إلزامهم كلمة التقوى.