ويتجه إلى ربه حزينا باكيا إذ نجا أهله إلا ابنه ، فيقول ـ وكأننا من فرط التصوير نسمع أنين الأب ، بعد أن نجا كلّ من فى السفينة ، وقد استوت فى طريقها ، وهلك الظالمون ، يضرع إلى ربه يقول : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) ، وكان قد وعده ربه بأن ينجى أهله ، فيقول : إن وعدك الحق ، وأنت أحكم الحاكمين ..
وهنا نجد رب العالمين يبين أنه داخل فى عموم الكافرين ، لأنه كفر ، وأهلك هم الذين آمنوا ، ولم يعارضوك ، ويقول سبحانه :
(إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ، إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ، فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ، إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ)
تعارض العطف مع الواجب ، فتحت قوة العاطفة الأبوية ، نطق بما نطق ، فنبّهه الله تعالى إلى الواجب ، ولم ينبه غافلا ، ولكنه نبّه يقظا مؤمنا ضارعا ، وإن كان قد ناجى ربه بصوت البشرية ، فثاب وقال :
(رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ)