وخدمته الأمم من العرب والعجم ، ولهذا ذكر بعضهم أنه إنما سمى ذا القرنين لأنه بلغ مجده وملكه قرنى الشمس مشرقها ومغربها يقول الله تعالى : (وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً) [الكهف : ٨٤] قال ابن عباس : علما ، وقال قتادة : منازل الأرض وأعلامها ، وقال عبد الرحمن بن زيد : تعليم الألسنة ، قال : كان لا يغزو قوما إلّا كلمهم بلسانهم.
وهكذا ذو القرنين .. كان ملكا مؤمنا ، مكّن الله له فى الأرض ، فعدل فى حكمه وأصلح ، يسر الله له الأسباب ، أى الطرق والوسائل إلى فتح الأقاليم والبلاد والأراضى ، وكسر الأعداء ، وكبت ملوك الأرض ، وإذلال أهل الشرك ، فقد أوتى من كل شىء مما يحتاج إليه مثله سببا.
* روى أن الذين ملكوا الأرض أربعة : مؤمنان وكافران ، أما المؤمنان : فسليمان وذو القرنين ، وأما الكافران : فنمرود وبختنصّر (١).
سئل علىّ ـ كرم الله وجهه ـ عن ذى القرنين ، كيف بلغ المشرق والمغرب؟ فقال : سبحان الله .. سخّر له السحاب وقدّر له الأسباب ، وبسط له اليد.
وقد ذكر فى أخبار بنى إسرائيل ، أنه عاش ألفا وستمائة سنة يجوب الأرض طولها والعرض ، حتى بلغ المشارق والمغارب. (٢)
يقول تبّع فيما ذكر به ذا القرنين فى تخلقه بالعلم واتباعه إياه :
بلغ المشارق والمغارب يبتغى |
|
أسباب أمر من حكيم مرشد |
فرأى مغار الشّمس عند غروبها |
|
فى عين ذى خلب وثاط حرمد |
__________________
(١) أبو حيان : البحر المحيط ٦ / ١٥٧
(٢) تفسير ابن كثير ٣ / ١٠٢