(قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ) أى استمر على كفره وشركه بربه ، فسوف نعذبه ، قال السّدى : كان يحمى لهم بقر النحاس ، ويضعهم فيها حتى يذوبوا ، وقال وهب بن منبه : كان يسلّط الظّلمة فتدخل أفواههم وبيوتهم وتغشاهم من جميع جهاتهم.
(ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً) أى شديدا بليغا وجيعا أليما فى نار جهنم ، وفى ذلك إثبات المعاد والجزاء.
(أَمَّا مَنْ آمَنَ) أى تابعنا على ما ندعوه إليه من عبادة الله وحده لا شريك له ، وقدم الصالحات (فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى) أى فى الدار الآخرة عند الله عزوجل. (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً) أى معروفا ، فنيسر عليه فى الدنيا فلا نكلفه بما هو شاق ، بل السهل الميسر ، فاختار ذو القرنين دعوتهم بالحسنى ، فمن آمن فله الجنة والمعاملة الطيبة ، والمعونة والتيسير ، ومن بقى على الكفر فله العذاب والنكال فى الدنيا والآخرة.
* وفى سبيل الدعوة إلى الله ، ونشر عقيدة التوحيد ، اتجه ذو القرنين إلى المشرق ، يقول القرآن :
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً. حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً. كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً) [الكهف : ٨٩ ـ ٩١]
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) أى سلك طريقا بجنده ، فسار من مغرب الشمس إلى مطلعها ومشرقها ، وكان كلما مرّ بأمة قهرهم وغلبهم ، ودعاهم إلى الله عزوجل ، فإن أطاعوه .. وإلّا أذلهم وأرغم آنافهم ، واستباح أموالهم وأمتعتهم ، واستخدم من كل أمة ما تستعين به جيوشه على قتال الإقليم المتاخم لهم.
(حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ) أى حتى إذا وصل إلى أقصى المعمورة من جهة الشرق حيث مطلع الشمس فى عين الرائى (وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ) أى أمة (لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً) أى وجد الشمس تشرق على أقوام