وتقول المصادر القديمة : إن الخليفة الواثق قد بعث فى دولته بعض أمرائه ، وجهز معه جيشا سرية ، لينظروا إلى السد ويعاينوه ، وينعتوه له إذا رجعوا ، فتوصلوا من بلاد إلى بلاد ، ومن ملك إلى ملك ، حتى وصلوا إليه ، ورأوا بناءه من الحديد ومن النحاس ، وذكروا أنهم رأوا فيه بابا عظيما ، وعليه أقفال عظيمة ، ورأوا بقية اللّبن والعمل فى برج هناك ، وأن عنده حرسا من الملوك المتاخمة له ، وأنه عال منيف شاهق لا يستطاع ، ولا ما حوله من الجبال ، ثم رجعوا إلى بلادهم ، وكانت غيبتهم أكثر من سنتين ، وشاهدوا أهوالا وعجائب. (١)
يقول الله سبحانه عن هذا السد : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) أى فما استطاع المفسدون أن يعلوه ويتسوّروه لعلوّه وملاسته (وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) أى وما استطاعوا نقبه من أسفل لصلابته وثخانته.
وبهذا السد المنيع أغلق ذو القرنين الطريق على يأجوج ومأجوج ، لذلك ما أن رآه حتى هتف قائلا : (هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي) أى نعمة من الله ورحمة على عباده.
* قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه الامام أحمد بإسناد إلى أبى هريرة :
«إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السدّ كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذى عليهم ارجعوا ، فستفتحونه غدا ولا يستثنى ، فإذا أصبحوا وجدوه قد رجع كما كان ، فإذا أراد الله بخروجهم على الناس ، قال الذى عليهم ارجعوا ، فستفتحونه إن شاء الله ويستثنى ، فيعودون إليه ، وهو كهيئته حين تركوه ، فيحفرونه ، ويخرجون على الناس ، فيستقون المياه ، ويتحصن الناس منهم
__________________
(١) التفسير الكبير ٢١ / ١٧٢