أى وأهلكنا قارون لما طغى ، ولم يمتثل أمر الله ، وأهلكنا فرعون وهامان ، ولقد جاءهم موسى بالبينات من عند ربهم ، فاستكبروا فى الأرض ، ولكنهم ما كانوا سباقين وفائتين ، بل أدركهم أمر الله وبطشه ، إن بطش ربك لشديد.
فكلّا من هؤلاء وهؤلاء أخذنا بذنبه ـ إذ كل نفس بما كسبت رهينة ، فمنهم من أرسلنا عليه ريحا حاصبة أهلكته ، وهم قوم لوط ، إنهم كانوا قوما يعملون الخبائث ، ومنهم من أخذته الصيحة بالعذاب كمدين وثمود ، صيحة ترجف الأرض منها والجبال ، فكانت بحق هى الرجفة ، ومنهم من خسفنا به وبداره الأرض ، وهو قارون ، ليكون عبرة لكل طاغية جبار ، ومنهم من أغرقنا كقوم نوح وفرعون لمّا طغوا فى البلاد وأكثروا فيها الفساد ، وما كان الله ليظلمهم أبدا ، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
* والموضع الثانى : الذى ورد فيه الحديث عن قارون .. كان فى سورة غافر ، فى مجال الحديث عن موسى ، وما أتى به من الآيات البينات. قال تعالى :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ. إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ ، فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ) [غافر : ٢٣ ، ٢٤]
أى ولقد بعثنا رسولنا موسى بالآيات البينات ، والدلائل الواضحات ، والبرهان البيّن الظاهر ، وهو معجزة اليد والعصا .. (إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ) أى إلى فرعون الطاغية الجبار ، ووزيره هامان ، وقارون صاحب الكنوز والأموال.
قال فى البحر : وخصّ قارون وهامان بالذكر لمكانتهما فى الكفر ، ولأنهما أشهر أتباع فرعون (١)
__________________
(١) البحر المحيط ٧ / ٤٥٩