رابعها : العلم بوجه هداية البشر كلهم بالقرآن ، فيجب على المفسر ، القائم بهذا الفرض الكفائى ، أن يعلم ما كان عليه الناس فى عصر النبوة ، من العرب وغيرهم ، لأن القرآن ينادى بأن الناس كلهم كانوا فى شقاء وضلال ، وأن النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعث به لهدايتهم وإسعادهم ، وكيف يفهم المفسر ما قبحته الآيات من عوائدهم على وجه الحقيقة ، أو ما يقرب منها ـ إذا لم يكن عارفا بأحوالهم وما كانوا عليه.
خامسا : العلم بسيرة النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأصحابه ، وما كانوا عليه من علم وعمل ، وتصرف فى الشئون دنيويها وأخرويها. (١)
ـ ٢ ـ
* أين مكان التفسير الموضوعى؟
إن التفسير ـ كما ذكرنا ـ علم وضعه الأوائل ، القصد منه : تبيين مراد الله تعالى بذلك القرآن. وذلك الذى يوصل إليه هذا العلم لهذا القرآن ، إنما هو بقدر ما تصل إليه القدرة المدركة للبشر ، وليس هناك من سبيل للجزم بأن ما يصل إليه إنسان من معنى القرآن ، أن ذلك هو مراد الله قطعا ، ولكن البحث حول ذلك المراد مداه أن يصل إلى ظن قوى ، وإدراك راجح.
وحيث أن مفهوم التفسير ـ كما حدده العلماء ـ يدور حول بيان المعنى المراد لذلك اللفظ ، كان لزاما على من يسلك السبيل إلى التفسير أن يكون ما يذكره من المعنى للفظ ، مستلزما لذكر اللفظ أولا ، وبيان معناه ثانيا ، ذلك لأن
__________________
(١) تفسير المنار ١ / ٢١ ـ ٢٤ بتصرف