روى الضحاك عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال : «إن الله ـ تعالى ـ أعطاه سلسلة موصولة بالمجرة والفلك ، ورأسها عند محراب داود ـ عليهالسلام ـ حيث يتحاكم الناس إليه ، وكانت قوتها قوة الحديد ، ولونها لون النار ، وحلقتها مستديرة ، مفصلة بالجوهر ، ومدسّرة بقضبان اللؤلؤ الرطب ، فلا يحدث فى السماء حادث إلّا صلصلت السلسلة ، فيعلم داود ذلك الحادث ، ولا يمسها ذو عاهة إلّا برأ ، وكان علامة دخول قومه فى الدين أن يمسوها بأيديهم ، ثم يمسحوا بأكفهم على صدورهم ، وكانوا يتحاكمون إليها ، فمن اعتدى على صاحبه وأنكر ماله من حق أتى السلسلة ، فمن كان صادقا محقا مدّ يده إلى السلسلة فينالها ، ومن كان كاذبا ظالما لم ينلها.
وقال وهب بن منبه : لما كثر الشر وشهادات الزور فى بنى إسرائيل ، أعطى داود سلسلة لفصل الخطاب ، فكانت ممدودة من السماء إلى صخرة بيت المقدس ، وكانت من ذهب ، فإذا تشاجر الرجلان فى حق ، فأيهما كان محقا نالها ، والآخر لا يصل إليها ، فلم تزل كذلك حتى أودع رجل رجلا لؤلؤة فجحدها منه ، وأخذ عكازا وأودعها فيه ، فلما حضرا عند الصخرة تناولها المدعى ، فلما قيل للآخر خذها بيدك ، عمد إلى العكاز فأعطاه المدعى ، وفيه تلك اللؤلؤة ، وقال : اللهم إنك تعلم أنى دفعتها إليه ، ثم تناول السلسلة فنالها ، فأشكل أمرها على بنى إسرائيل ، ثم رفعت سريعا من بينهم. (١)
٣ ـ واختصه الله ـ عزوجل ـ بالقوة فى العبادة ، وشدة الاجتهاد.
كما قال سبحانه : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) [سورة ص ١٧] يعنى القوة فى العبادة (إِنَّهُ أَوَّابٌ) يعنى توّاب مسبح مطيع ، كان يصوم يوما ، ويفطر يوما.
__________________
(١) ابن كثير : قصص الأنبياء ٤٨٨