قال ابن عباس : (الأيد) قوة فى الطاعة ، يعنى ذا قوة فى العبادة والعمل الصالح.
وقال قتادة : أعطى قوة فى العبادة وفقها فى الدين. وقد ذكر لنا أنه كان يقوم الليل ، ويصوم نصف الدهر. وقد ثبت فى الصحيحين : أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال :
«أحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله صيام داوود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه ، وكان يصوم يوما ، ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى».
٤ ـ واختصه الله ـ جل جلاله ـ بنزول كتابه «الزّبور»
أنزله الله على داود بالعبرانية ، مائة وخمسون سورة ، فى خمسين منها ذكر ما يكون من بختنصّر وأهل بابل ، وفى خمسين منها ذكر ما يلقون من الروم من أهل إيران ، وفى خمسين منها موعظة وحكمة ، ولم يكن فيها حلال ولا حرام ، فذلك قوله تعالى : (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) [النساء : ١٦٣]
٥ ـ واختصه الله ـ عز شأنه ـ بالصوت الطيب ، والنغمة اللذيذة ، والترجيع والألحان.
ولم يعط الله أحدا من خلقه مثل صوته ، كان يقرأ الزبور بسبعين لحنا ، بحيث يعرق المحموم ، ويفيق المغمى عليه ، وكان إذا قرأ الزبور برز إلى البرية ، فيقوم وتقوم معه علماء بنى إسرائيل خلفه ، وتقوم الناس خلف العلماء ، وتقوم الجن خلف الناس ، وتقوم الشياطين خلف الجن ، وتدنو الوحوش والسباع ، ويؤخذ بأعناقها ، وتظله الطيور مضحية ، ويركد الماء الجارى ، ويسكن الريح ، وما صنعت المزامير والبرابط والصنوج إلّا على صوته. وتسخر معه الجبال. وذلك قوله تعالى : (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ. وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) [سورة ص : ١٨ ، ١٩]