قائمة الکتاب
الفصل الثانى عشر : المسيح عيسى ابن مريم ـ رسول الله وكلمته وقصة المائدة
٣٣٤
إعدادات
دراسات في التفسير الموضوعي للقصص القرآني
دراسات في التفسير الموضوعي للقصص القرآني
تحمیل
وإدراك اليقين ، بل كان جدل المكابرة والعناد ، والكفر ، والرغبة فى إبطال الدعوة ..
كان الجدل للجدل فحسب ، ولحب الإطلاع على أسرار الألوهية ، وهى ليست من اختصاص الأنبياء ، ولا الرسل ، ولكنهم يهدفون إلى التعجيز.
ولم يقف الأمر عند الكافرين المعاندين ، بل وجدنا الحواريين يشاركون فيه ، ويلحّون فى جدل عقيم ، رغم ادعائهم الإيمان والإسلام ، ولم يكونوا فى حقيقة أمرهم مسلمين.
(وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ) [المائدة : ١١١]
ومع هذا قالوا : (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ؟) [المائدة : ١١٢]
وهذا سؤال لا يليق بهم قطعا ، ولذا خرّجه العلماء على وجوه ، أحسنها : أن يستطيع بمعنى (يطيع) كاستجاب بمعنى (أجاب) ـ أى : هل تستطيع أمر ربك؟
وقيل : إنه سؤال عن الاستطاعة على حسب الحكمة الإلهية. أى هل ينافى الحكمة إنزال المائدة أم لا؟ فإن ما ينافى الحكمة لا يقع قطعا ، وإن كان ممكنا. ولهذا قالوا معتذرين عن إيراد السؤال بهذه الصورة ، وبعد أن قال لهم عيسى : (اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
قالوا : (نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها) فنحن فى حاجة إليها ، ونحن إذا أكلنا تطئمن قلوبنا ، وتهدأ نفوسنا ، ونعلم أن قد صدقتنا ، فى أن الله تعالى أرسلك نبيا ، واختارنا أعوانا لك ، وقد رضى عنا بإجابة سؤالنا ، ونكون عليها من الشاهدين بالوحدانية ، ولك بالرسالة والنبوة ، إذ هذه كالدليل على ذلك.