* والرسالة ميثاق من الله : يأخذه على رسوله بتبليغ رسالته ، والدفاع عنها ، ليسألهم عن ذلك يوم القيامة. وقد أخذ الله على عيسى عهدا ، كما أخذه على الأنبياء من قبله.
يقول تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ ، وَمِنْ نُوحٍ ، وَإِبْراهِيمَ ، وَمُوسى ، وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً. لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ ، وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً) [الأحزاب : ٧ ، ٨]
ولقد أوتى عيسى الرسالة ، وأمر بالتبليغ ، وكانت الرسالة هى الآية الثانية لعيسى ـ عليهالسلام. وقد قام بتبليغ ما كلّف به ، فكانت المشاكل التى صادفها كل الأنبياء السابقين مع أقوامهم ، حين دعوهم إلى الإيمان. ولن يبلغ الإيمان ذروته ـ فى قلب نبى أو رسول ـ ما لم يناضل ، ويجاهد فى سبيل رسالته ودعوته. وكان عيسى من هؤلاء الأنبياء المناضلين المجاهدين فى سبيل دعوة الله ، والإيمان به. وفى ذلك يقول القرآن :
(وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ : قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ. إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ، هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ. فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) [الزخرف : ٦٣ ـ ٦٥]
ودعا عيسى ـ عليهالسلام ـ الحواريين والأنصار ليكونوا معه عنصر تأييد وقوة ، لينتصر بهم فى دعوته : كما قال القرآن :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ ـ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ : مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ : نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ. فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ ، وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ ، فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ ، فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) [الصف : ١٤]
ولكن دعوته مرّت بنفس التجربة ، التى مرت بها دعوة الرسل من قبله ، فقد أخذوا يجادلون فى آيات الله. ولم يكن ذلك الجدل من أجل المعرفة ،