ثم تتطور الفكرة فيتحدّونه أن يرقى فى السماء ..
ولكن القرآن العظيم يخسف بكل هذه التحديات .. فيعرف بالرسول فى كلمات معدودات تزرى بكل هذا الذى يطلبونه ويتحدون به .. (قُلْ : سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً؟)
* وهم يستنكرون من الرسول أن يكون بشرا يأكل الطعام ، ويمشى فى الأسواق :
(وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) [الفرقان : ٧]
بل يرجون فيه بعقلية التحدى المعروفة عنهم أن ينزل (إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً. أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ. أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً. انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) [الفرقان : ٧ ـ ٩]
وهم لم يطلبوا ذلك تعظيما لأمر رسالته ، وإنما هو نوع من التحدى والسخرية ـ كما هو واضح من التعبير القرآنى.
ولم يفضح القرآن كل هذه التحديات السخيفة إلا ليؤكد بشرية الرسول ، ولينفى عن الرسالة الإلهية كل بعد عن النطاق البشرى ، فلا الملائكة يمكن أن يكونوا رسلا إلى جميع البشر ، ولا الرسول مفضل على بنى قومه بالكنوز والجنان ، ولا الرسالة الإلهية تحتمل السحر أو تفجير الأرض بالينابيع أو غيرها من الأعمال التى تخرج عن طاقة البشر ..
فإثبات بشرية الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من الأهداف التى توخاها القرآن.
والقرآن إذ يؤكد على بشرية محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ، فإنه يرمى من وراء ذلك أن لا يقع المسلمون مرة أخرى فيما سقط فيه النصارى ، حين ألّهوا