٣ ـ التفسير الموضوعى
وفى هذا اللون من التفسير ، يعمد الباحث والناظر فى القرآن ، إلى الآيات التى تتصل بموضوع واحد ، فيجمعها ، ويجعلها نصب عينيه ، وموجودة بين يديه ، ثم يقلّب الطرف فى أنحائها ، ويجيل الفكر فى جوانبها ، ويكوّن منها الموضوع الذى تتصل به ، ثم يعمد إلى جوانب ذلك الموضوع ، ويجعله فى إطار متناسب ، وهيكل متناسق ، ملوّنا لنواحيه ، مبرزا لمراميه ، حتى يكون هيكلا تاما ، متكامل الأجزاء ، تام البنيان ، قائم الأركان .. فإن أعوزه كمال ذلك الموضوع إلى حديث ، جاءت به السنة حتى يكمل له هيكله ، ويتم له صرحه ، جاء به.
وعلى ذلك ينجلى للقارىء ـ بوضع الآية بجوار الآية ـ الهدف الذى يقصد القرآن إليه ، والمعنى الذى يعول عليه ، وبهذا يستكشف القارىء للقرآن هدايته ، ويبرز للناس من مواضع القرآن ، ما جاء به لأداء مهمته ورسالته (١).
هذا اللون من التفسير الموضوعى ، وإن نحا نحوه علماء العلوم المختلفة ، كعلم الكلام ، عند الاستدلال على صفات الله ـ تعالى ـ بالدليل النقلى ، من مثل قوله تعالى : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [البروج : ١٦] وقوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) [السجدة : ٦] وقوله عز شأنه : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الرعد : ١٦] ، وكذلك فى علم الأخلاق ، والتصوف ، والفقه .. فإن تلك العلوم بوّبت فيها أبوابها ، واستشهد بها ، ودعمت بما يلائم تلك الأبواب من أدلة قرآنية ، وآيات تنزيلية.
__________________
(١) الدكتور أحمد السيد الكومى : التفسير الموضوعى طبع ، دار الهدى بمصر سنة ١٩٨٠ ص ١٣