لتعلم إلّا لمن شاهد ، وما شاهد أحداثها ، وهو لا يزال فى بطن الغيب ، كما قال سبحانه وتعالى ، فى قصة موسى ـ عليهالسلام ـ ووقائعها :
(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ. وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ. وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)
[القصص : ٤٤ ـ ٤٦]
وكما قال عز شأنه عقب قصة مريم :
(وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) [آل عمران : ٤٤]
لم يكن محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مشاهدا الأحداث التى جاء القرآن الكريم بقصصها ، وهى صادقة وثابتة فى الصادق من أخبار النبيين فى كتبهم ، التى يتداولها أهل الكتاب ، ولم يتناولها التحريف ، ولم يكن بمكة مدرسة لاهوت. بل لم يكن بمكة يهود ولا نصارى إلا خمّار ألحدوا بأن النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أخذ منه كذبا وبهتانا ، فقال الله ردّا عليهم :
(لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ ، وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)
[النحل : ١٠٣]
وكانت مكة بلدا أمياّ ، ليس به علم ، ولا رياسات إلا مباريات رياسية فى البيان ، وكان محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أميا لا يقرأ ولا يكتب ، وقد قال الله تعالى ، وهو أصدق القائلين :
(وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) [العنكبوت : ٤٨]