وقوله تعالى : (إِنِ ارْتَبْتُمْ) فيه قولان :
أحدهما : وهو قول مجاهد والزهرى. أى إن رأين دما وشككتم فى كونه حيضا أو استحاضة ، وارتبتم فيه.
والثانى : وهو قول سعيد بن جبير ـ إن ارتبتم فى حكم عدتهن ، ولم تعرفوه ، فهو ثلاثة أشهر ، وهو أظهر فى المعنى. وقد احتج عليه بقول أبى بن كعب : يا رسول الله : إن عددا من عدد النساء لم تذكر فى الكتاب ، الصغار والكبار وأولات الأحمال ، قال : فأنزل الله عزوجل : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ ـ إِنِ ارْتَبْتُمْ ـ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ ..) [الآية]
ويضع على بن أبى طالب ، بفكره الثاقب ، ونظره الصائب ـ لبنة أخرى من لبنات التفسير الموضوعى. فقد كان علىّ يجمع الآيات فى الموضوع الواحد ، ليستخلص منها جميعا ، حكما صادقا ، يفسر فيه القرآن بعضه بعضا. من ذلك قصة مراجعته لعمر بن الخطاب فى إقامة حدّ الزّنا على امرأة وضعت بعد زواجها بستة أشهر.
* يقول ابن حزم : أن عليّا ذكّر عمر بن الخطاب بقوله تعالى :
(وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف : ١٥]
مع قوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ)
[البقرة : ٢٣٣]
فرجع عمر عن إقامة الحد عليها (١)
__________________
(١) الإحكام فى أصول الأحكام ٢ / ١٢٥