كل آية من آيات هذه السور عنده ، يتحوّل إلى بحث فى مضمونها من خلال القرآن كله.
وسار على نهجه ، تلميذه الأثير ، ابن قيم الجوزيّة (ت ٧٢١ ه) فى تفسير أقسام القرآن ، وفى تفسيره للمعوذتين ، إذ كثيرا ما يتوقف إزاء مضمون آية ليشير إلى مضمون مماثل لآية أخرى ، ابتغاء الدقة فى التفسير.
هذا وقد وضع الراغب الأصفهانى ـ فى القرن الخامس الهجرى ـ معجما عظيما لألفاظ القرآن ، عرض فيه كل لفظة من ألفاظه ، وجميع استعمالاتها المبثوثة فيه ، لتكون دائما تحت أعين المفسرين ، فلا يختلط عليهم معنى ، ولا تضطرب عليهم دلالة. فكان هذا المعجم منبعا خصبا يرده كل من تصدى لتفسير القرآن حسب المنهج الموضوعى.
والحقيقة إن العلماء الأول ، خاصة رجال التفسير ـ لم يتركوا للأواخر كبير جهد فى تفسير كتاب الله ، والكشف عن معانيه ومراميه ، إذ أنهم نظروا إلى القرآن باعتباره دستورهم ، الذى جمع لهم بين سعادة الدنيا والآخرة ، فتناولوه من أول نزوله بدراستهم التفسيرية التحليلية ، دراسة سارت مع الزمن على تدرج ملحوظ وتلون بألوان مختلفة.
والباحث المدقق ، الذى يعكف على دراسة بحوث التفسير على اختلاف ألوانها ، لا يدخله شك فى أن كل ما يتعلق بالتفسير من الدراسات المختلفة ، قد وفّاه هؤلاء المفسرون الأقدمون حقّه ، من البحث والتحقيق ، والدراسة والتدقيق ، فالناحية اللغوية ، والناحية البلاغية ، والناحية الأدبية ، والناحية النحوية ، والناحية الفقهية ، والناحية المذهبية ، والناحية الكونية والفلسفية.