فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٢٢) لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (٢٣) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ
____________________________________
لا شريك له (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) وهم طبعا من لا يؤمن بالإله الواحد ، وإلا فلو كان مؤمنا كان معتقدا بالمعاد ، ومن هذه الجهة دخلت الفاء في «فالذين» فهو كقولك زيد عالم ، فمن يناوئه يكون كذا ، للتلازم بين العلم ولزوم الاحترام. (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) جاحدة للحق ، فليس مرضهم مرضا سطحيا قابلا للعلاج ، وإنما الداء كامن في قلوبهم (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) الاستكبار طلب الترفع ـ لمن ليس رفيعا ـ فهم يترفعون أنفسهم عن الإذعان بلا حق أو حجة أو برهان وإنما مانعهم عن الإيمان الكبر والطغيان.
[٢٤] (لا جَرَمَ) أي حقا ، من جرم «باب ضرب» بمعنى قطع ، يقال جرم الشيء أي قطعه ومنه «الجرم» كأنه قطع لروابط الاجتماع ، ف «لا جرم» يعني لا قطع ، وإنما الأمر كذلك ، ولذا يستعمل بمعنى لا بد ولا محالة ، وكثيرا ما يتحول إلى معنى القسم ، يقال «لا جرم لأفعلنّ» (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) يفعلونه سرا (وَما يُعْلِنُونَ) أي يفعلونه علنا ، فهو عالم بجميع أعمالهم فيجازيهم على ما ارتكبوا من الآثام (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) الذين يتكبرون ويأنفون اتباع الأنبياء ، وعدم محبة الله يلازم كرهه وغضبه.
[٢٥] إنهم لا يؤمنون بالله ، ولا بالمعاد ، أما بالنسبة للرسالة فمن الطبيعي أن ينكرونها بعد إنكارهم لذينك الأمرين (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) أي للمشركين عبدة الأصنام (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ)؟ يريد السائل أن يستخبر اعتقادهم حول القرآن