إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (١٢٨) وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩) فَاصْبِرْ
____________________________________
كفار مكة يمرون بمساكن عاد وثمود وقوم لوط عند ذهابهم إلى الشام ، ويرون آثارهم وعلاماتهم ، كما قال سبحانه : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ* وَبِاللَّيْلِ) (١) أفلا يخافون أن يصيبهم ما أصاب أولئك (إِنَّ فِي ذلِكَ) الإهلاك لأولئك (لَآياتٍ) لعبر ودلالات (لِأُولِي النُّهى) النهى جمع نهية ، وهو العقل أي لأصحاب العقول ، يعتبروا بها ولا يعملوا مثل أعمال أولئك حتى يبتلوا بمثل مصيرهم.
[١٣٠] (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) في تأخير العذاب عن الكفار في الدنيا ، فقد أراد الله سبحانه ، وإرادته كلمته ، أن لا يعذب هؤلاء في الدنيا بمثل عذاب الأمم السابقة ، ولعل ذلك لأجل أن هذه الأمة تأتي بأولاد وذراري صالحين ، كما صار من أبي عامر «حنظلة» ومن أبي سفيان «أم حبيبة» وهكذا ، والله سبحانه لا يعذب إلا إذا لم يكن صالح في ذرية الكافر كما قال سبحانه : (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا) (٢) وقال (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) (٣) (لَكانَ) العذاب (لِزاماً) لهم ، واللزام مصدر ، وصف به كقولك زيد عدل (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) عطف على «كلمة» أي لو لا الكلمة والأجل المسمى أي المدة التي سميت لهؤلاء الكفار لكان العذاب لازما لهم.
[١٣١] وإذ كان لهؤلاء الكفار مدة لا بد أن يقضوها حتى يأتيهم الموت ، وإن الله لم يشأ هلاكهم مثل إهلاكه للأمم السابقة (فَاصْبِرْ) يا رسول الله
__________________
(١) الصافات : ١٣٨ و ١٣٩.
(٢) الفتح : ٢٦.
(٣) نوح : ٢٨.