وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٦) وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ
____________________________________
يزيغوا عن أوامره سبحانه.
[٨٧] (وَأَدْخَلْناهُمْ) أدخلنا هؤلاء الأنبياء عليهمالسلام (فِي رَحْمَتِنا) بأن غمرناهم في الرحمة بعد أن كانوا في مشقة وأذى من قومهم ، ومن التكاليف المتوجهة إليهم (إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ) فقد كانوا صالحين في حياتهم ، ولذا جوزوا بتلك الرحمة التي غمرتهم ، وحيث أن المقصود في سرد صبر الأنبياء أولا ثم فضل الله عليهم جزاء صبرهم ثانيا ، ألمح السياق إلى هاتين الخصوصيتين ، بالنسبة إلى هؤلاء الأنبياء بدون ذكر قصصهم ، كما أن سائر القصص قد أتيت بإيجاز وإشارة.
[٨٨] (وَ) اذكر يا رسول الله (ذَا النُّونِ) «النون» هو الحوت ، أي صاحب الحوت ، وهو يونس عليهالسلام ، الذي التقمه الحوت (إِذْ ذَهَبَ) أي حين فارق قومه ، وذهب عنهم (مُغاضِباً) من غاضب ، بمعنى غضب ، وكأنه أتى من باب المفاعلة للدلالة على كون الغضب من الطرفين أو المراد المغاضب المراغم ، يعني أنه خرج رغما على أنف قومه ، حيث أراد إهلاكهم (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) أي لن نضيق عليه ، فقد ضاق هو بالدعوة وتكذيب القوم ، فخرج من بين القوم ظانا أن ذلك ليس بترك أولى حتى يجزيه سبحانه بضيق صدره ضيقا في مكانه ، يهون عند ضيق مكانه ضيق صدره بالمكذبين من قومه.
وقد يقال : أن خروجه هل كان طاعة لله ، أم عصيانا؟ فإن كان طاعة فلم ضيق الله عليه؟ وإن كان عصيانا كان ذلك خلاف ما هو مسلم من عصمة الأنبياء عليهمالسلام؟ والجواب : أنه كان ترك أولى ، فقد كان