فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧)
____________________________________
من الأولى أن لا يخرج ، ولم يكن عصيانا ، كأكل آدم من الشجرة الذي كان ترك أولى ، وعلى أي حال فقد أرسل الله سبحانه يونس إلى قوم كان عددهم مائة ألف أو يزيدون ولبث فيهم أكثر من ثلاثين سنة ـ كما ورد ـ فلم يؤمن من القوم إلا نفران «روبيل» و «تنوخا» فخرج من القوم داعيا عليهم بالعذاب ، وكان ذلك جائزا في نفسه ، وإن كان الأولى بمقام النبوة أن يستأذن الله سبحانه لذلك ، فوصل إلى شاطئ البحر وركب سفينة كانت تريد الأبحار ـ وفي بعض التفاسير أنه عليهالسلام أراد أن يذهب إلى قوم آخرين يدعوهم ـ ولما توسطت السفينة البحر ، جاء حوت فاتحا فاه ، بحيث لم تتمكن السفينة من المضي إلا بإطعامه ، فأقرعوا فيما بينهم من يطرحوه للحوت وخرج السهم باسم يونس ، فألقوه في فم الحوت فابتلعه ، لكن الله سبحانه حفظه عن أن يموت وهو قادر على كل شيء (١) (فَنادى) يونس (فِي الظُّلُماتِ) ظلمة البحر ، وظلمة الليل ، وظلمة بطن الحوت (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ) أي أنزهك تنزيها عن القبيح ، وكأن الإتيان بالتسبيح في هذه المقامات دفعا لتوهم متوهم يظن أن العمل الصادر منه سبحانه ليس كما ينبغي (إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) في خروجي من المدينة ودعائي على أهلها ، والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه ، وذلك يلائم التحريم ، وترك الأولى ، كما قال موسى عليهالسلام (إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) (٢)
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٥ ص ١٢٦.
(٢) النمل : ٤٥.