يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ
____________________________________
[٢٢] وبعد أن أتم الكلام حول هذه الوقعة البشعة التي تبع عصبة من المسلمين الشيطان في تلقيها وإشاعتها ، خاطب الله سبحانه المؤمنين بصورة عامة ، أن لا يتبعوا الشيطان (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) تشبيه بمن يتبع أقدام غيره في السير خلفه ، فكأن الشيطان يذهب في طريق العصيان ، والعصاة يتبعونه ويجعلون خطواتهم مكان خطواته (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ) فليعلم إنه أي الشيطان يسلك به في طريق الغواية والضلال ، إذ هو (يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) مؤنث أفحش نحو «حمراء أحمر» أي الصفة التي هي أفحش الصفات الرديئة لأن تعديها عن الحق كثير (وَالْمُنْكَرِ) وهو مطلق الإثم ، وخصص «الفحشاء» بالذكر لأن الكلام كان حول «الفاحشة» (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) ولعل الفرق بينهما «حيث يجتمعان» أن الرحمة يراد بها ستر الذنب ، والترحم بجبر المنقصة ، والفضل هو الإعطاء زائدا ، مثل من كان له مائة ، ثم خسر عشرا ، إن أعطيته خمسة عشر وكانت العشرة رحمة ، والخمسة فضلا (ما زَكى) أي ما طهر ، ولم ينم في الخير (مِنْكُمْ) أيها المؤمنون (مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) «من» زائدة لتعميم النفي (وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي) أي يطهر عن المعاصي والآثام ، ويسبب النمو والزيادة له في الخير (مَنْ يَشاءُ)