لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (٢٩) قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ
____________________________________
[٣٠] (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) أي لا حرج ولا ضرر عليكم أيها المؤمنون (أَنْ تَدْخُلُوا) بدون الاستئذان (بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ) أي لم تعد للسكنى كالخانات والحمامات والأرصية (فِيها مَتاعٌ لَكُمْ) أي استمتاع لكم في تلك البيوت ، وهذا القيد عام يشمل حتى من يريد التفرج ، لأنه يستمتع بذلك ، أو المراد منه بيان أنه لا ينبغي للإنسان أن يدخل محلا لا متاع له فيه فإنه لغو (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ) أي تظهرون من الأمور (وَما تَكْتُمُونَ) في أنفسكم وتخفونها ، فلا تفعلوا ما يخالف أوامره ، وهذه الخاتمة لإيقاظ الضمير ، حتى يكون الإنسان على نفسه رقيبا ، أليس هو بعين الله الذي يعلم كل ظاهر وخاف.
[٣١] ثم انتقل السياق من حكم البيوت إلى حكم النظر ، وهو مرتبط بقصة الحياة العائلية ، كما كان الحكمان السابقان من حكم الإفك والقذف ، وحكم الاستئذان لدخول البيوت مرتبطين بها نوع ارتباط (قُلْ) يا رسول الله (لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) أصل الغض النقصان ، يقال : غض من صوته ومن بصره ، أي قلل منهما ونقص ، والمعنى غمض العين عما لا يحل النظر إليه ، وإنما جيء بالغض ، و «من» لأن الصرف عن الحرام لا يتوقف على الغمض ، بل على الغض لبعض البصر بأن لا يمد عينه نحو المحرم (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) عن تعاطي اللواط والزنا ، وما أشبه (ذلِكَ) الغض من البصر ، والحفظ للفرج (أَزْكى لَهُمْ) أي أطهر عن لوث المعصية ، وقد تقدم أن في