أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها
____________________________________
سحاب وأظلم الآفاق ، وارتفعت الأمواج التي تغمر السفينة ، فلا يهتدي سبيلا لينقذه من هذه الهلكة (أَوْ كَظُلُماتٍ) أي أن أعمالهم كظلمات ، بينما أعمال المؤمنين كأنوار تهديهم الطريق ، كما قال سبحانه (يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) (١) (فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ) فالوقت ليل مظلم ، والمكان بحر عظيم اللجة لا يرى ساحله ، من «لجة» البحر وهي معظمه (يَغْشاهُ) أي يعلو ذلك البحر اللجي (مَوْجٌ) وذلك حين تهب العواصف فتحمل الماء على متنها كالجبال وهو خليط من ماء وهواء (مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) أي فوق ذلك الموج الأول موج آخر ، إذ العاصفة إذا هبت كونت موجا ويمشي هذا الموج بسرعة سير العاصفة ، فإذا جاءت عاصفة ثانية كونت موجا ثانيا ، وربما يركب الموج الثاني على الموج الأول إذا كانت العاصفة الثانية أشد وحملت موجا كبيرا ، أكبر من الموج الأول.
(مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ) حتى لا يرى بصيص من ضياء القمر والنجوم ، حتى يكون الإنسان في وسط ذلك تغشاه (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) ظلمة البحر المنعكسة في الهواء ، وظلمة الموج الأول ، وظلمة الموج الثاني ، وظلمة السحاب وظلمة الليل ، حتى أن الإنسان في تلك الظلمة (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ) من تحت ثيابه (لَمْ يَكَدْ يَراها) أي
__________________
(١) الحديد : ١٣.