وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ
____________________________________
لا يقرب رؤيتها لشدة الظلمات ، إن لهذا الإنسان كيف حاله في عدم اهتداء الطريق للخلاص والنجاة ، كذلك حال الكافر الذي وقع في وسط أعماله المظلمة المتراكمة عليه ، فإنه لا يهتدي إلى طريق الهدى ، ويكون مصيره الهلاك (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً) يهتدي به إلى السعادة ، وإنما لم يجعل له نورا لأنه أعرض عن الهدى ، فحرم الضياء (فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) لأن الله هو نور السماوات والأرض ، فإذا حرم إنسانا من نوره ، لم يكن هناك نور آخر يستنير به الكافر.
[٤٢] ومن عجيب أمر الكفار أنهم يغمضون عيونهم في هذا الجو الذي حواهم يأسا بآيات الله سبحانه (أَلَمْ تَرَ) يا رسول الله ، أو : أيها الرائي ، والمراد بالرؤية العلم ، أي ألم يصل علمك إلى (أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ) تسبيحا تكوينيا (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وإنا لنرى من في الأرض ينزه خلقهم الله سبحانه عن التعطيل والعجز والجهل وسائر الصفات السيئة.
ولا بد أن يكون من في السماوات كذلك بالفطرة والوجدان ، فهو مثل أن يقال : ألم تعلم أن النار في «الصين» تحرق ، فإن الإنسان يعلم ذلك بالقياس الفطري ، أو المراد وصول العلم إليهم بواسطة الأنبياء عليهمالسلام الذين بينوا أن الملائكة يسبحون الله سبحانه ، ولعل المراد ب «من» الأعم من العقلاء ، وإنما جيء ب «من» تغليبا للعقلاء على من سواهم (وَ) يسبح (الطَّيْرُ) في حال كونها (صَافَّاتٍ) أي واقفات في الجو مصطفات الأجنحة في الهواء ، وتسبيحها تنزيهها ودلالتها