لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً)
لمّا نودى على يوسف فى مصر بالبيع لم يرض الحقّ ـ سبحانه ـ حتى أصابتهم الضرورة ومسّتهم الفاقة حتى باعوا من يوسف ـ عليهالسلام ـ جميع أملاكهم ، ثم باعوا كلّهم منه أنفسهم ـ كما فى القصة ـ وفى آخر أمرهم طلبوا الطعام ، فصاروا بأجمعهم عبيده ، ثم إنه عليهالسلام لما ملكهم منّ عليهم فأعتقهم (١) ؛ فلئن مرّ عليه بمصر يوم نودى فيه عليه بالبيع ؛ فقد أصبح بمصر يوما آخر وقد ملك جميع أملاكهم ، وملك رقاب جميعهم ؛ فيوم بيوم ، قال تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) يومان شتّان بينهما!
ثم إنه أعتقهم جميعا ... وكذا الكريم إذا قدر غفر.
قوله جل ذكره : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ ، وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ)
أراد من حسده ألّا تكون له فضيلة على إخوته وذويه ، وأراد الله أن يكون له ملك الأرض ، وكان ما أراد الله لا ما أراد أعداؤه.
قوله جل ذكره : (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ)
أرادوا أن يكون يوسف عليهالسلام فى الجبّ ، وأراد الله ـ سبحانه ـ أن يكون يوسف على سرير الملك ؛ فكان ما أراد الله ، والله غالب على أمره.
__________________
(١) فى القصة «وباع من أهل مصر فى سنى القحط الطعام بالدراهم والدنانير فى السنة الأولى حتى لم يبق معهم شىء منها ثم بالحلى والجواهر فى الثانية تم بالدواب فى الثالثة تم بالعبيد والإماء فى الرابعة ثم بالدور والعقار فى الخامسة ثم باولادهم فى السادسة ثم برقابهم فى السابعة حتى استرقهم جميعا ثم أعتق أهل مصر ورد عليهم أملاكهم» النسفي ج ٢ ص ٢٢٨.