دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨))
أفصح يوسف عليهالسلام بجرمها إذ ليس للفاسق حرمة يجب حفظها ، فلم يبال أن هتك سترها فقال. (هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) فلمّا كان يوسف صادقا فى قوله ، ولم يكن له شاهد أنطق الله الصبيّ الصغير الذي لم يبلغ أوان النطق (١). ولهذا قيل إذا كان العبد صادقا فى نفسه لم يبال الله أن ينطق الحجر لأجله.
قوله : (فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ) لما اتضح الأمر واستبان الحال وظهرت براءة ساحة يوسف عليهالسلام قال العزيز : (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ) : دلّت الآية على أنّ الزنا كان محرّما فى شرعهم.
قوله جل ذكره : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ (٢٩))
لم يرد أن يهتك ستر امرأته فقال ليوسف : أعرض عن هذا الحديث ، ثم قال لها : (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ) : دلّ على أنه لم يكن فى شرعهم على الزنا حدّ ـ وإن كان محرّما حيث عدّه ذنبا.
ويقال ليس كلّ أحد أهلا للبلاء ؛ لأن البلاء من صفة أرباب الولاء ، فأمّا الأجانب فيتجاوز عنهم ويخلى سبيلهم ـ لا لكرامة محلّهم ـ ولكن لحقارة قدرهم ، فهذا يوسف عليهالسلام كان بريء السّاحة ، وظهرت للكلّ سلامة جانبه وابتلى بالسجن. وامرأة العزيز فى سوء فعلها حيث قال : (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ) ، وقال لها : (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ) .. ثم لم تنزل بها شظية من البلاء.
قوله جل ذكره : (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ
__________________
(١) قيل هو صبى فى المهد وهو ابن خال لها. وسمى قوله شهادة لأنه أدى مؤدى الشهادة فى أن ثبت به قول يوسف وبطل قولها (النسفي ج ٢ ص ٢١٨).