تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٠))
إنّ الهوى لا ينكتم ، ولا تكون المحبة إلا وأبيح لها لسان عذول ، فلما تحققت محبتها ليوسف بسطت النّسوة فيها لسان الملامة.
ولما كانت أحسن منهن قيمة ـ فقد كنّ من جملة خدمها ـ كانت أسرع إلى الملامة.
قوله جل ذكره : (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١) قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢))
أرادت أن يغلب عليهن استحقاق الملامة ، وتنفى عن نفسها أن تكون لها (١) أهلا ، ففعلت بهن ما عملت ، فلمّا رأينه تغيّرن وتحيّرن ونطقن بخلاف التمييز ، فقلن : (ما هذا بَشَراً) : وقد كان بشرا ، وقلن (إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) : ولم يكن ملكا.
قوله : (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) : أثّرت رؤيتهن له فيهن فقطّعن أيديهن بدل الثمار ، ولم يشعرن ، وضعفن بذلك عندها فقالت : ألم أقل لكن؟ أنتن لم تتمالكن حتى قطّعتنّ أيديكنّ! فكيف أصبر وهو فى منزلى؟! وفى معناه أنشدوا :
__________________
(١) أي أهلا للملامة.