(أنت عند الخصام عدوى ... |
|
..........................) (١) |
ويقال (٢) إن امرأة العزيز كانت أتم فى حديث يوسف ـ عليهالسلام ـ من النسوة فأثرت رؤيته فيهن ولم تؤثّر فيها ، والتّغيّر صفة أهل الابتداء فى الأمر ، فاذا دام المعنى زال التغيّر ؛ قال أبو بكر الصدّيق ـ رضى الله عنه ـ لمن رآه يبكى وهو قريب العهد فى الإسلام : هكذا كنّا حتى قست القلوب. أي وقرت (٣) وصلبت. وكذا الحريق أول ما يطرح فيها الماء يسمع له صوت فإذا تعوّد شرب الماء سكن فلا يسمع له صوت.
قوله جل ذكره : (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٣))
الاختبار مقرون بالاختيار ؛ ولو تمنّي العافية بدل ما كان يدعى إليه لعلّه كان يعافى ، ولكنه لما قال : (السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) طولب بصدق ما قال.
ويقال إن يوسف عليهالسلام نطق من عين التوحيد حيث قال : (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ) فقد علم أن نجاته فى أن يصرف ـ سبحانه ـ البلاء عنه لا بتكلّفه ولا بتجنبه.
ويقال لمّا آثر يوسف ـ عليهالسلام ـ لحوق المشقة فى الله على لذّة نفسه آثره عصره حتى قيل له : (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) (٤)
قوله جل ذكره : (فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤))
__________________
(١) بقية البيت مضطربة فى الكتابة ، ومطموسة فى بعض المواضع.
(٢) القشيري هنا مستفيد من رأى استاذه أبى على الدقاق.
(انظر رأى الدقاق فى رسالة القشيري فى معنى التلوين والتمكين ص ٤٤)
(٣) وقرت ـ أصابها الثقل.
(٤) آية ٩١ من سورة يوسف.