فلمّا باعهم وجمع لهم الكيل ما أخذ منهم ثمنا ، والإشارة من هذا إلى قوله تعالى : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ).
وكلّ منّ خطا للدّين خطوة كافأه الله تعالى وجازاه ، فجمع له بين روح الطاعة ولذّة العيش من حيث الخدمة.
قوله جلّ ذكره : (قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦))
إنّ الحذر لا يغنى من القدر. وقد عمل يعقوب ـ عليهالسلام ـ معهم فى باب بنيامين ما أمكنه من الاحتياط ، وأخذ الميثاق ولكن لم يغن عنه اجتهاده ، وحصل ما حكم به الله.
قوله جل ذكره : (وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧))
يحتمل أن يكون أراد تفريقهم فى الدخول لعلّ واحدا منهم يقع بصره على يوسف ، فإن. لم يره أحدهم قد يراه الآخر (١).
ويقال ظنّ يعقوب أنهم فى أمر يوسف كانوا فى شدة العناية بشأنه ، ولم يعلم أنهم كارهون لمكانه.
قوله جل ذكره : (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ
__________________
(١) نحسب أنه ربما كان الأمر بتفريقهم مرده إلى أنه فى الجماعة تختفى المسئولية الفردية إذ تذوب فى الكيان الجماعى ، بينما يكبر الشعور بالمسئولية إذا كانوا آحادا ، وقد قالوا ليعقوب من قبل (لئن أكله الذئب ونحن عصبة.).