قوله جل ذكره : (فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٦٣))
لم يمنع يوسف منهم الكيل ، وكيف منع وقد قال : (أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ)؟
ولكنهم تجوزوا فى ذلك تفخيما للأمر حتى تسمح نفس يعقوب عليهالسلام بإرسال بنيامين معهم.
ويقال أرادوا بقولهم : (مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ) فى المستقبل إذا لم نحمله إليه.
ويقال إنهم تلطّفوا فى القول ليعقوب ـ عليهالسلام ـ حيث قالوا : (أَخانا) إظهارا لشفقتهم عليه ، ثم أكّدوا ذلك بقولهم : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
قوله جل ذكره : (قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ)
من عرف الخيانة لا يلاحظ الأمانة ، ولذا لم تسكن نفس يعقوب بضمانهم لما سبق إليه من شأنهم.
قوله جل ذكره : (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
(فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) : يحفظ بنيامين فلا يصيبه شىء من قبلهم.
ولم يقل يعقوب فالله خير من يردّه إلىّ ، ولو قال ذلك لعلّه كان يرده إليه سريعا.
قوله جل ذكره : (وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (٦٥))
بيّن يوسف ـ عليهالسلام ـ أنه حين عاملهم لم يحتج إلى عوض يأخذه منهم ،