احتمل بنيامين ما قيل فيه من السرقة بعد ما التقى مع يوسف.
ويقال : ما نسب إليه من سوء الفعال هان عليه فى جنب ما وجد من الوصال.
ويقال لئن نسب يوسف أخاه للسرقة فقد تعرّف إليه بقوله : إنى أنا أخوك ـ سرّا ، فكان متحملا لأعباء الملامة فى ظاهره ، محمولا بوجدان الكرامة فى سره ، وفى معناه أنشدوا :
أجد الملامة فى هواك لذيذة |
|
حبّا لذكرك فليلمنى اللّوم |
قوله جل ذكره : (قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ (٧٣))
يعنى حسن سيرتنا فى سير المعاملة يدلكم على حسن سريرتنا فى الحالة.
ويقال لو كنّا نسرق متاعكم لما رددناه عليكم ولما وجدتموه فى رحالنا بعد أن غبنا عنكم.
قوله جل ذكره : (قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (٧٤))
تجاسر إخوة يوسف بجريان جزاء السّرقة عليهم ثقة بأنفسهم أنهم لم يباشروا الزّلّة ، وكان بنيامين شريكهم فى براءة السّاحة ، فلما استخرج الصّاع من وعائه بسط الإخوة فيه لسان الملامة ، وبقي بنيامين (١) فلم يكن له جواب كأنّه أقرّ بالسرقة ، ولم يكن ذلك صدقا إذ أنه لم يسرق ، ولو قال : لم أفعل لأفشى سرّ يوسف عليهالسلام الذي احتال معهم ذلك لأجله حتى يبقيه معه ، فسكت لسان بنيامين ، وتحقّق بالحال قلبه.
ويقال لم يستصعب الملامة ـ وإن كان بريئا ـ مما قرن به ، ولا يضرّ سوء المقالة بالمكاشفين بعد حسن الحالة مع الأحباب.
ويقال شىء بما أظهرت عليه المقالة ، ولكن حصل له بذلك صفاء الحالة.
قوله جل ذكره : (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ
__________________
(١) يصلح بنيامين ـ كما يصوره القشيري ـ نموذجا لواحد من أهل الملامة ، لو دققنا النظر فى إشارات القشيري بصدده.