ذلك ما استكنّ فى قلبه من حبّ لأخيه ، وكلّا .. أن يكون عن المحبوب بدل أو لقوم مقام أحد .. وفى معناه أنشدوا :
إذا أوصلتنا الخلد كيما تذيقنا |
|
أبينا وقلنا : أنت أولى إلى القلب |
وقيل :
أحبّ ليلى وبغّضت إلىّ |
|
نساء ما لهنّ ذنوب |
قوله جل ذكره : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٠))
لما علموا أن يوسف عليهالسلام ليس يبرح عن أخيه خلا بعضهم ببعض فعملت فيهم الخجلة ، وعلموا أن يعقوب فى هذه الكرّة يتجدد له مثلما أسلفوه من تلك الفعلة ، فلم يرجع ، أكبرهم إلى أبيهم ، وتناهى إلى يعقوب خبرهم ، فاتهمهم وما صدّقهم ، واستخونهم وما استوثقهم.
قوله جل ذكره : (ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاَّ بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (٨١))
كان لهم فى هذه الكرّة حجة على ما قالوا ، ولكن لم يسكن قلب يعقوب عليهالسلام إليها ، فإنّ تعيّن الجرم فى المرة الأولى أوجب التّهمة فى الكرّة الأخرى.
قوله جل ذكره : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٨٢))
ما ازدادوا إقامة حجّة إلا ازداد يعقوب ـ عليهالسلام ـ فى قولهم شبهة.