ويقال الغاشية حجاب من القسوة يحصل فى القلب ، لا يزول بالتضرع ولا ينقشع بالتخشع ويقال الغاشية من العذاب أن تزول من القلب سرعة الانقلاب إلى الله تعالى ، حتى إذا تمادى صاحب الغفلة استقبله فى الطريق ما يوجب قنوطه من زواله ، وفى معناه أنشدوا :
قلت للنّفس إن أردت رجوعا |
|
فارجعى قبل أن يسدّ الطريق |
قوله جل ذكره : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨))
«البصيرة» : اليقين الذي لا مرية فيه ، والبيان الذي لا شك فيه. البصيرة يكون صاحبها ملاطفا بالتوفيق جهرا ، ومكاشفا بالتحقيق سرّا.
ويقال البصيرة أن تطلع شموس العرفان ؛ فتندرج فيها أنوار نجوم العقل.
قوله (أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) أي ذلك سبيلى ، وسبيل من اقتدى بهداي فهو أيضا على بصيرة
قوله جل ذكره : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠٩))
تعجبوا أن يبعث الله إلى الخلق بشرا رسولا ، فبيّن أنه أجرى سنّته ـ فيمن تقدّم من الأمم ـ ألا يكون الرسول إليهم إلا بشرا ، فإما أن جحدوا جواز بعثة الرسول أصلا ، أو أنهم استنكروا أن يبعث بشرا رسولا.
ثم أمرهم بالاستدلال والتفكر والاعتبار والنّظر فقال : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ..؟)
قوله جل ذكره : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ