عوضا ولا أجرا ، وكذلك أمره للعلماء ـ الذين هم ورثة الأنبياء عليهمالسلام ـ بألّا يأخذوا من الخلق عوضا على دعائهم إلى الله ، فمن أخذ منهم حظا من الناس لم يبارك للمستمع فيما يسمع منه ؛ فلا له أيضا بركة فيما يأخذ منهم فتنقطع به.
قوله جل ذكره : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (١٠٥))
الآيات ظاهرة ، والبراهين باهرة ، وكلّ جزء من المخلوقات شاهد على أنّه واحد ، ولكن كما أنّ من أغمض عينه لم يستمتع بضوء نهاره فكذلك من قصّر فى نظره واعتباره لم يحظ بعرفانه واستبصاره.
قوله جل ذكره : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦))
الشّرك الجلىّ أن يتّخذ من دونه ـ سبحانه ـ معبودا ـ والشّرك الخفىّ أن يتخذ بقلبه عند حوائجه من دونه ـ سبحانه ـ مقصودا.
ويقال شرك العارفين أن يتخذوا من دونه مشهودا ، أو يطالعوا سواه موجودا (١).
ويقال من الشّرك الخفىّ الإحالة على الأشكال فى تجنيس الأحوال ، والإخلاد إلى الاختيار والاحتيال (٢) عند تزاحم الأشغال.
قوله جل ذكره : (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٠٧))
أفأمن الذي اغترّ بطول الإمهال ألا يبتلى بالاستئصال ، أفأمن من اغترّ بطول السلامة ألا يقوم البلاء عليه يوم القيامة.
__________________
(١) أي (موجودا) على الحقيقة.
(٢) (الاحتيال) معناها اللجوء إلى الحيلة أي التدبير الإنسانى بل ينبغى إسقاط التدبير واللجوء إلى التقدير الإلهى.