فيدخل فيه ترك الشهوات ، والتجرد عن جميع الشواغل والعلاقات ، فيصبر عن العلة والزّلة. وعن كل شىء يشغّل عن الله.
ومما يجب عليه الصبر الوقوف على حكم تعزّز الحق ، فإنّه ـ سبحانه ـ يتفضّل على الكافة من المجتهدين ، ويتعزز ـ خصوصا ـ على المريدين ، فيمنحهم الصبر فى أيام إرادتهم ، فإذا صدقوا فى صبرهم جاد عليهم بتحقيق ما طلبوا.
قوله جل ذكره : (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً).
الأغنياء ينفقون أموالهم. والعبّاد ينفقون نفوسهم ويتحملون صنوف الاجتهاد ، ويصبرون على أداء الفرائض والأوراد. والمريدون ينفقون قلوبهم فيسرعون إلى أداء الفرائض والأوراد ويصبرون إلى أن يبوح علم من الإقبال عليهم. وأمّا المحبون فينفقون أرواحهم .. وهى كما قيل :
ألست لى خلفا؟ كفى شرفا |
|
فما وراءك لى قصد ومطلوب. |
قوله جل ذكره : (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)
يعاشرون الناس بحسن الخلق ؛ فيبدأون بالإنصاف ولا يطلبون الانتصاف ، وإن عاملهم أحد بالجفاء قابلوه بالوفاء ، وإن أذنب إليهم قوم اعتذروا عنهم ، وإن مرضوا عادوهم.
قوله جل ذكره : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤))